أرشيف

اليمن مستقبل مفتوح على كل الاحتمالات

انقضى عام 2011 ومعه طوى اليمن صفحة من تاريخه المعاصر في ظل حكم الرئيس علي عبد الله صالح الذي استمر 33 عاما.

ففي 21 نوفمبر وقع صالح على المبادرة الخليجية التي بموجبها سلم السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي بعد نحو عشرة اشهر من الاحتجاجات والاعتصامات والتظاهرات التي عمت المدن للمطالبة بالتغيير والانتقال باليمن الى مرحلة جديدة ، وقع صالح تحت ضغط الشارع والاتفاق والتحرك الدولي والاقليمي تجاه منع انزلاق اليمن الى الفوضى والعنف .
 

الفريق هادي رئيسا للبلاد


الآن يفترض ان يدخل اليمن، بعد التوقيع والتوافق على المبادرة بين حزب الرئيس – المؤتمر الشعبي العام – واحزاب اللقاء المشترك للمعارضة، منعطفا سياسيا وامنيا جديدا، وربما ايضا اقتصاديا واجتماعيا وانسانيا، من خلال الشروع في تأسيس مرحلة ديموقراطية للتداول السلمي للسلطة .. بعيدا عن دوامة العنف والاقتتال ومذابح الاخوة الاعداء، وهو ما تجري الآن محاولات صعبة لتنفيذه من خلال التهيئة لاجراء الانتخابات المبكرة في 21 فبراير لانتخاب الفريق هادي رئيسا للبلاد لفترة عامين تتم فيهما معالجة ما خلفته سنوات حكم الرئيس صالح من ملفات مثقلة بالفساد وادارة الدولة، والسعي الى الاستغلال الافضل للموارد البشرية والاقتصادية وكذك تحقيق مشاركة متساوية لكل اطياف ومكونات المجتمع دون اقصاء او تهميش او استبعاد .

عراقيل سياسية وأمنية ومعيشية


هذه هي الغايات البعيدة التي يسعى اليمنيون الى جعلها واقعا ملموسا في حياتهم منطلقين من كونها القاسم الذي يجمع المواطنين وان اختلفت الرؤى حول كيفية تحقيقها . لكن واقع الحال، الذي افرزته مخاضات الايام والاسابيع التي اعقبت تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة زعيم المعارضة باسندوة وما لقيته مهمة تهدئة الاوضاع الامنية والعسكرية من عراقيل، مع استمرار تعثر الجهود الحكومية لاعادة الخدمات الاساسية في قطاعات المياه والكهرباء والاتصالات التي كانت هدفا للتخريب خلال شهور الازمة، وكذلك منع التقطعات المسلحة للطرقات التي تربط بين المحافظات ،واستمرار تردي الوضع المعيشي ، كلها تشير الى ان انجاز هذه المهمة امر غير يسير.

حكومة الوفاق..المحاصرة


صعوبات عديدة برزت امام حكومة الوفاق الوطني التي وجدت نفسها مثقلة بارث من المشكلات التي لا ينفع معها العلاج بالمسكنات المؤقتة ، الامر الذي تدركه حكومة باسندوه وتعي اهمية ان يسهم اشقاء واصدقاء اليمن في مساعدته على تجاوزها. ولهذا الغرض حددت سقفا عاجلا بقيمة خمسة مليارات دولار تأمل ان يقدمه اشقاء اليمن في مجلس التعاون الخليجي حتى يتمكن من اخراج الوضع الاقتصادي المريض من حالته التي تزداد سوءا يوما بعد آخر !
وهناك التدخلات، التي تعمد قوى متنفذة سياسية وقبلية وعسكرية – ذات مصلحة في تأزيم الاوضاع وتصعيد وتيرة الخلاف بين حزب الرئيس صالح واحزاب اللقاء المشترك ، وتأثير ذلك في مجمل خطوات التخفيف من حدة الاحتقان المتبادل، من العوامل التي من شأن عدم تحجيمها وبقائها ان تصبح برميل البارود الذي قد ينفجر في أي لحظة، تحت ذرائع ومبررات مختلفة، ولعل الموقف الحاسم الذي اعلنه الفريق هادي واكد فيه ان اليمنيين والغالبية العظمى، الذين تتجاوز نسبتهم 70 % هم الذين اكتووا بنيران الاختلاف والمواجهات والاقتتال والعنف وانقطاع الخدمات الاساسية خلال شهور الازمة السياسية، لن يسمحوا لاي طرف من الاطراف السياسية ، بافشال الفرصة الوحيدة الممثلة بالمبادرة الخليجية امامهم للنجاة من شراك وفخ الحرب الاهلية، الامر الذس يشير الى حجم تاثير وقوة هذه الاطراف وتدخلاتها في مسار اخراج اليمن من ازمتة السياسية والاقتصادية والامنية والمعيشية!

  • فبعد ان شكلت حكومة الوفاق الوطني وباشرت اللجنة العسكرية عقب تشكيلها مهمة سحب المسلحين من القوات الامنية والعسكرية الموالية لصالح والمؤيدة للثورة وكذلك المسلحين من الميليشيات القبلية من العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، ومع انفراج الوضع الامني والسياسي، كان هناك من القوى المتنفذه في – الموالاة والمعارضة – من يضع امام الفريق عبدربه منصور هادي ورئيس حكومة الوفاق الوطني محمد سالم باسندة الكثر من الشراك المفخخة، لكن الرجلين كان لديهما من القدرة مامكنهما من تجاوز تلك الشراك، مدفوعين بدعم وتأييد وقبول واسع في اوساط ابناء اليمن، وكذلك مؤازرة ومساندة اقليمية ودولية، لكن المرحلة القادمة، وتحديدا التي ستعقب اجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة التي سيكون فيها الرجلان امام محك تولي قيادة اليمن والسير بها الى بر الامان، وقد اكتسبا الشرعية الدستورية والشعبية للقيام بهذه المهمة، هي الاخطر امامها فحقل الالغام سيكون مليء والشراك ستكون ظاهرة هذه المره ومعلنة !

وحتى الموعد المرتقب في 21 فبراير2012 الذي سيتم فيه انتخاب هادي رئيسا توافقيا لجميع ابناء اليمن ، والذي يأمل ابناء اليمن ان يكون فاتحة اول صفحات سطور تاريخ وطنهم الجديد ، ومابعد ذلك التاريخ، بما يحملة من دلالات وتغييرات جوهرية في شكل وبنية نظام الحكم وشخوصة، سيبقى الراهن اليمني في منظورة القريب قابلا لكل الاحتمالات المتشائمة وكذلك المتفائلة، ولكن يبقى في الاخير أن محصلة الواقع تشير الى ان اليمنيين شرعوا بالسير نحو طريق المستقبل على الرغم من الصعوبات التي سيلقونها.

زر الذهاب إلى الأعلى